خصائص الطبيعة في القرآن الكريم

خصائص الطبيعة في القرآن الكريم

  • التاريخ :2022/05/28
  • المشاهدات :1503

بسم الله

بسم الله

بسم الله

بسم الله

بسم الله
بسم الله

إنّ الطبيعة ليست معرضاً فنّياً جميلاً وحسب، ولا هي سوقُ خضار وفواكه وغِلال وسِلال فقط، ولا هي مُتنزِّهاً للترويح والاستجمام وكفى، هي كلّ هذا وفوق هذا.. هي (مدرسة) نَتعلَّم فيها دروس (العطاء) و(الكرم) و(الحنان) و(العطف) و(اللُّطف) و(التواضع) و(الرِّضا) و(الغضب) و(التعدُّدية) و(الفن) و(الإبداع)، وعَدِّد من دروسها الغنيّة الواسعة ما تشاء.

القرآن الكريم لفت نظرنا إلى كثير من الأمثال الاجتماعية والحركية التي ضربها من خلال وجه الشبه بينها وبين خصائص الطبيعة، ومن تلك الدروس التي تحتاج إلى كتاب مستقل ينتظمها:

1- مَثَلُ الكلمة الطيِّبة والكلمة الخبيثة:

قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ (إبراهيم/ 24-26).

2- مَثَلُ المجتمع الإيماني:

قال عزّوجلّ عن صحابة النبيّ الكريم e الذين تبعوه بإحسان: ﴿وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ (الفتح/ 29).

3- مَثَلُ الباحثين عن العزّة عند غير الله:

قال جلّ جلاله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ (النُّور/ 39).

4- مَثَلُ بناء الكافرين ومؤسّساتهم:

قال سبحانه: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (العنكبوت/ 41).

5- مَثَلُ الذين يُتاح لهم العلم فيُهملوه:

قال تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا﴾ (الجمعة/ 5).

6- مَثَلُ الإنسان العالم الذي يضع علمه في خدمة الشيطان والطغيان:

قال عزّوجلّ في عالِم بني إسرائيل (بلعام بن باعورا) الذي تعاون مع فرعون: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الأعراف/ 175-176).

7- مَثَلُ الإنسان غير المهذَّب الذي يرفع صوته عالياً:

قال جلّ جلاله: ﴿وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾ (لقمان/ 19).

يقول صاحب (التربية بضرب الأمثال): «فالقرآن باستخدامه هذه العناصر والحوادث الكونيّة في أمثاله ينهج بالأمثال نهجاً جديداً لم يكن معروفاً عند العرب من قبل إلّا قليلاً، فربّما مثّلوا ببعض الحيوانات المعروفة عندهم كالضبّ والثعلب والقطة؛ لكن أمثالهم هذه مقتضبة جدّاً ليس فيها شيءُ من هذا التصوير الذي رأيناه في الأمثال القرآنية، فكانوا مثلاً يقولون: «أصدق من قطاة» أي إنّهم يبرزون صفة من صفات الحيوان الذي ورد فيه المثل، ثمّ يوازنون بها مَن شاءوا ممّن يضربون لهم المثل» .

يُضاف إلى ذلك، أنّ خالق الطبيعة العارف بكلّ دقائقها وقوانينها، هو نفسه خالق الإنسان العليم بكلّ دقائقه وخصائصه وحالاته، وهو الله سبحانه وتعالى، ولذلك يأتي المثلُ القرآني دقيقاً وعميقاً ومستوعباً للحالة استيعاباً كاملاً.

وتَعلَّم الناسُ من القرآن كيف يضربون أمثالهم مستوحاة من الطبيعة، فكانت أمثال الشعوب - في بعض جوانبها - دروس مقتبسة من مدرسة الطبيعة، ومن ذلك:

1- قولهم في قيمة الحركة: «جريانُ الماء الدائم في النهر يفتت الصخر».

2- قولهم في التواضع: ملأى السنابلِ تنحني بتواضعٍ****والفارغاتُ رؤوسهنَّ شوامخُ

3- قولهم في أنّ النتائج تتبع المقدّمات: «مثلما تزرع تحصد».

4- قولهم في الأصالة والتغيير: «أُصولُ الشجرة ثابتة وفروعها مُتغيِّرة».

5- قولهم في مساوئ الهياج والغضب: «تستطيع العاصفة أن تُدمِّر سفينة؛ لكنّها لا تستطيع أن تحلّ عقدة، كذلك الغضب يُدمِّر؛ لكنّه لا يُقدِّم حلولاً».

6- قولهم في الإيمان الصادق: «المؤمن كالجبل الشامخ لا تُزعزعه العواصف».